Saturday, October 18, 2014

أنا مجنونة


قالوا مجنونة هي. تقرأ الكتب لأشباه المثقفات العاهرات. تكتب شعراً إباحياً فاسقاً. تريد أن تتعلم العزف على البيانو. تريد بعضاً من الخصوصية. ترقص عاريةً تحت المطر. تحب أشخاصاً وهميين من صنع القصص. تكتب مذكرات و تتغزل بالأدباء. تستمع إلى شعرٍ يقرأ على أنغام موسيقى سوداء. تبكي و تتلذذ ملوحة دموعها. تحلم و تأمل و تفكر و تُكفّر. ك.ف.ر. أي خرج عن المألوف. تصادق شياطين الوحدة و تلاعب أشباحاً تسكن قلوبهم المعتمة. خائفون هم من أحلام قد تصبح حقيقة و تخلق أشياء جديدة، شاذة، غريبة، عجيبة. مجنونة هي. عزلوها عن العالم الخارجي. حبسوها حتى تشفى من جنونها. سجينة الحياة الدنيا تنتظر شفاعة السجان الأعظم. تثور تارةً و تستسلم تارةً أخرى. تنتظر شفقة الزمن عله يحمل بين طياته أملاً أو بقايا أمل. 
ما بال وجهها شاحب. ما بالها قاطعت الأكل. ما بالها تتجاهلنا و ترفض الحديث معنا. ما بالها تجلس وحدها في ظلمة النهار و ليلاً في صحبة القمر. تنظر إلى السماء. تصرخ و تهمس. تتذمر و تحتج. تقول كلمات غير مفهومة. "أنا.حرية. جمال. طبيعة. كون. أنوثة." تعتزل الكلام نهاراً وتفرطه ليلاً. مسكونة هي أم مجنونة؟ مريضة هي. يناولونها الدواء قسراً. ترفض و تثور فيتهمونها مرةً اخرى بالجنون. فتتعب و تخاف و تستسلم. و تتناول الدواء و ما بها داء. داؤها هم، أفلا يعقلون؟ 
يجهلون و ما تقوله يتجاهلون. يدخلونها إلى مستشفى المجانين. يحقنونها العبودية و يجبرونها على تناول حبوب الخنوع. و لا هم يتنازلون و لا هي ترضخ. فيضعونها على سرير الموتى الأحياء و يبعثون في جسدها الواهن صعقات كهربائية علهم يطردون مارد الأنا. هي تصرخ ألماً و هم يبتسمون و على نواحها يتراقصون. و الآن رددي معي "أنا مجنونة". فتنظر اليهم بأعينٍ خاوية هجرتها الروح، بقلبٍ ينبض و لا ينبض، بجسدٍ مرهق، متعب، منهك، لا حول له و لا قوة و أجابت "نعم، أنا مجنونة". 

No comments:

Post a Comment