Tuesday, May 12, 2020

رسالة

إلى قارئ هذه الرسالة، 
أخبر صديقتي المقربة انني أخاف علينا من الزمن أن يتلاعب بصداقتنا. 
أخبر حبيبي انني أخاف علينا من القدر أن يفرق بيننا.
أخبر أبي انني أحبه أيضاً ولكن آن الأوان لأنقذ نفسي. 
أخبر أمي انني لست آسفة على بقعة الدم التي سيتركها معصمي على أرضية الحمام. بإمكانها أن تغيرها.
أخبر أختي انني آسفة لأنها استسلمت ولأنها أصبحت نسخة تشبه كل النسخ الأخرى. أخبرها انها يوماً ما في الماضي البعيد كانت قدوةً لي، كنت أحلم أن أصبح مثلها. لكنها اليوم هي ليست نفسها هي نسخة عن نفس أخرى وانا الآن لا أريد أن أكون سوى نفسي.
أخبر أختي الأخرى انني لست اسفة على جلب العار لهذه العائلة بإنتحاري فهذا حق نفسي علي. أنا في حاجة إلى الحب وليس لي سوى أن أحب نفسي.
أخبر أخي أنه عنيف، أنه ليس سوى مجرد رقم، مجرد دمية تستعملها قوى الشر لتحويل هذا العالم إلى ديستوبيا. أخبره أيضاً انني لا ألومه على ذلك. لكن ماذا ستخلف وراءك على هذه الأرض؟ هل ساهمت يوماً في تغيير حياة شخصٍ ما إلى الأفضل؟ لحظة! أنت بالفعل قد فعلت ذلك. غيرت حياتي أنا. العالم أكبر بكثير من أن تجد عملاً 'مسمار في حيط' وتجمع المال وتنتظر العروسة المناسبة.
كم جميلاً لو بقينا أصدقاء. أتذكر مخبأنا الصغير؟ حين كنا نسرق اللوز الذي تشتريه أمنا لصنع البقلاوة؟ أو حين نلتقط بقايا السجائر لندخن معاً؟ أو نصنع سجائر مزيفة من ورق الكراس؟ أو عندما كنا نبلل الفراش ونختبئ من أمنا تحت الكنبة ونقارن من بلل فراشه أكثر؟ وحين كنا نلعب لعبة المصارعة واتغلب عليك في كل مرة؟ ثم كبرنا لتصبح لعبة المصارعة مجرد 'طريحة' تقدمها لي في كل مرة نختلف في الرأي؟
كنت اتمنى الموت في كل مرة.
اليوم أنا مت. نفسي تمردت علي. تزاحمها نفسي الأخرى. لا أعلم من سينتصر.
إسمي وتاريخ ولادتي. مضمون الولادة. كل الذكريات. شهادة الوفاة. جميع الأوراق الرسمية انتحرت.
أما الآن لم يتبقى سوى جسدي الغارق في مادة لزجة زرقاء اللون وشفافة، وأنا أقف بجانب هذا الجسد بوجه بلا ملامح مثل ملك الموت.
أما نفسي الأخرى فهي تريد لها جسداً جديدا وروحاً أنقى وقلباً بلا ندوب وعقلاً أقل إرهاقاً.
شكراً على كل شيء.

No comments:

Post a Comment