Wednesday, February 18, 2015

جسد الأنثى



عندي صديق مات منذ خمس سنوات. صفحته على الفايسبوك لا تزال موجودة. كل ما أعجز عن كتابة شيء ما أو اشتاق إلى شخص ما ولا أريد أن أبوح بذلك أو أي شيء من هذا القبيل، أدردش معه وأشكوه الحياة. 
الإحساس بالعجز يا صديقي قاتل. أظن أن الموت لن يؤلمني بقدر ما يؤلمني العجز. لا أعلم كيف سأموت أو متى. لكنني لا اهتم لأنني أعلم ان روحي أو بعض روحي ستعود لتسكن جسداً ما في المستقبل، أي بعد أن يضمحل هذا الجسد ويصبح غير قادر على مصارعة أمواج الحياة الغادرة. أفضل أن يكون هذا الجسد لأنثى. جسد الأنثى غاية في القوة والجمال. رحم يتحمل آلام العادة الشهرية. جسد ينزف دماً مرة كل شهر ولايزال يتنفس، يتحرك، يمشي آلاف الأمتار من أجل لقمة عيش، يطهو خبز الطابونة في الصباح الباكر حتى يبيعه في محطة إستخلاص مرناق. رحم يتحمل آلام المخاض. رحم قادر قدير ونهدين. نهدين تضرع لأجلهما كل من تكبر وتجبر.
لا يهمني الموت ولا يهمني كيف أو متى سأموت. لن يهمني جسدي بعد موتي إلا في شيء واحد فقط. فهو حامل ذكرياتي وأوجاعي. كل ندب وتجاعيد طالت بشرتي تحمل في تفاصيلها حكايات ولا حكايات ألف ليلة وليلة. من الندب الذي على الجهة اليسرى من جبيني إلى الشامة التي على فخذي الأيمن. لذلك في وصيتي سوف لن اسمح بدفني في أعماق مقبرة ما. ماذا لو لم يعجبني سكان تلك المقبرة؟ في وصيتي سأطلب أن يتم حرق جثتي ورمي الرماد في بحر ما بينما يتناول أحبائي الشراب الأحمر على ألحان أغنية ليد زيبلين "بايب أم ڨانا ليف يو".

No comments:

Post a Comment